لماذا مجلس الدولة
إن هذا التساؤل لم يكن بدون فائدة بل لأن هناك نقاش قائم و موجود حول هذا الأمر منذ وقت طويل, فقد وجد قانون خاص و قانون عام, الأول يتكون من كل القواعد التي تنظم المواطنين داخل نفس المجتمع و الثاني بالمقابل يمس بالعلاقات الخاصة الموجودة بين المؤسسات العمومية (الحكومة, مجلس الأمة.....) وبين الذي يحكموننا ( رئيس الحكومة و الوزراء) و أخيرا كل ما يتعلق بالنشاط الإداري بمفهومه الواسع (المرافق العامة, الجمعيات الخاضعة للدولة, المؤسسات العمومية.....).
فالسلطات الإدارية عند ممارستها مهامها, يحدث و أن تتعدى و تتجاوز أحيانا السلطات المخولة لها وبالتالي يجب معاقبة و تقويم أعمالها الغير القانونية و الغير العادلة , و أن موافقة هذه السلطات للإمتثال لقاضي (إداري) في هذه الحالة و تطبيق القواعد الخاصة للقانون العام (إجتهاد قضائي تشكل عبر الوقت) يظهر وجود دولة القانون في مواجهة دولة متعسفة و مستبدة.
ولهذا الغرض يشارك القاضي الإداري في حدود إمكانيته و قدراته في إنشاء دولة القانون (إن إقامة دولة القانون, كان الهم الشاغل الذي تتقاسمه دول كثيرة, و يسعى مجلس الدولة إلى الإستفادة من تجارب الدول المجاورة , بارسال قضاة إلى مجلس الدولة الفرنسي, و خاصة بإنضمامه بصفة رسمية إلى الجمعية العالمية لأعلى الهيئات القضائية الإدارية و التي تعقد مؤتمرها كل 3 سنوات.)
هذه الإدارة جديرة بالثناء, خاصة و أن الدعوى التي تكون فيها الدولة في مواجهة المواطن, في أعين هذا الأخير سواء كان على حق أو باطل بأنها الطرف القوي و الممتاز و المفضل.
و بالتأكيد يكون محقا إلى حد ما عندما نلاحظ في كثير من الأحيان أن القرارات الصادرة عن مجلس الدولة قد أخفقت من طرف الإدارة التي ترفض غالبا تنفيد القرارات الصادرة ضدها و لفائدة المواطنين.
و بالتالي أصبح من الضروري و المستعجل تصور ميكانيزمات فعالة من شأنها أن تضمن تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية افدارية.
و لا لأحد أن يجهل أنه لا عدالة بدون تنفيد الإدارة لمنطوق القرار عندما تخسر دعواها.
وفي هذا الإتجاه تبقى الكلمة الأخيرة للأستاذ مارسل والين القائل ( إذا لم تجد وسيلة لإجبار الإدارة على الخضوع لهذه القرارات, فإن كل الإجتهادات القضائية تصبح مجرد تعليق نظري على القوانين, وتفقد مداها التطبيقي, و فاعليتها, وتبقى فعاليتها مقتصرة على النقاش الكاديمي و الكتابات الفقهية).