(II ـ محــل التسليــم
محل التزام البائع هو الشيء المتفق عليه أي الشيء المبيع و كذا توابعه، مادية كانت أو إدارية أو قانونية، كما يجب التطرق إلى حالة النقص و الزيادة في المبيع.
أولا: الشيء المتفق عليه
هو محل التنفيذ في عقد البيع، و يجب أن ينصب التسليم بوضوح على المبيع، كما هو معرف في العقد، إذ يجب على البائع تسليم ذلك الشيء طبقا لذلك التعريف، و لا يمكن أن يقوم بتعويضه بشيء آخر حتى و لو لم يبد ذلك ضارا.
و مثال ذلك، أنه باستطاعة مشتر لكتاب مرقم أن يطلب بالرقم المتفق عليه دون سواه، كما يستطيع مشتري الأثاث أو السيارة المطالبة باللون المتفق عليه و ليس لونا آخر لا يختلف عنه إلا اختلافا طفيفا، و كذلك إذا انصب البيع على شقة، لا يف البائع بالتزامه بالتسليم بأن ينقل حصصا في شركة
ة ـ بالنسبة للبيوع العقارية:
يجب أن ينص في العقد على مساحة العقار، خاصة إذا كان أرضا، و نادرا ما ينص على مساحة الشقق، لكن يذكر فقط عدد الغرف المتكونة منها، مثل غرفتين و صالون و حمام و مطبخ، وفي القانون الفرنسي توجد الفرضيات التالية:
- إذا نص العقد على المساحة و جعلها مقياسا للثمن (حسب المتر المربع أو الهكتار)، فإن كل اختلاف يكون محل تعديل في الثمن أو الفسخ للبيع، و يجب رفع الدعوى من أجل ذلك في ميعاد سنة طبقا للمادة 1622 من القانون المدني.
- و إذا أشار العقد إلى مساحة دون أن تكون مقياسا للثمن، لا يمكن أن يسمح بتعديل الثمن سوى اختلاف يقدر بواحد من عشرين على الأقل، أو تنازل المشتري.
و بالنسبة للقانون الجزائري فإنه تطبق قواعد النقص و الزيادة في مقدار المبيع و التي سوف نتعرض لها بعد قليل.
2 ـ بالنسبة لبيوع السلع:
لنكون بصدد مطابقة التسليم للشيء المتفق عليه، يجب ان ينصب على المقدار و النوعية المتفق عليها، خاصة إذا حصل البيع بالعينة أو تبعا لنماذج مهنية فالتسليم هنا عبارة عن التزام بتحقيق نتيجة.
إذا لم توضح النوعية في العقد، و جب على البائع تسليم شيء من نوعية " سليمة و سوقية في القانون الفرنسي، ولا يقتصر ذلك على معدل بسيط بل يجب أن يكون المبيع من نوعية صحيحة، لها علاقة بالتخصص العادي للمنتوج.
أما في القانون الجزائري، فإن نوعية المبيع ودرجته تخضع لاتفاق المتعاقدين، أو طبقا للعرف أو أي ظرف آخر، و إلا وجب على البائع تسليم شيء من نوعية متوسطة، و هذا طبقا للقاعدة العامة المذكورة في المادة 94/2 من القانون المدني.
و المقصود بذلك هو عدم الإضرار بالبائع في حالة اشتراط أن يكون التسليم لشيء من نوعية رفيعة، و كذا عدم الإضرار بالمشتري في حالة تسليم شيء من نوعية منحطة أو رديئة.
و بالنسبة لبيع الأشياء القديمة يجب تسليم الشيء على الحالة التي كان عليها أثناء تطابق الإرادتين.
ثانيــا: توابع الشيء
على خلاف القانون الفرنسي، لم ينص القانون الجزائري على توابع الشيء، و التي يجب أن يسلمها البائع مع المبيع و يعني ذلك أن البائع في القانون الجزائري ليس ملزما بتسليمها للمشتري، بل أنه ملزم بذلك تبعا لطبيعة المبيع و كذا للعرف الجاري العمل به، و يسميها البعض ملحقات المبيع.
و قد تكون تلك التوابع إما مادية أو إدارية أو قانونية حسب ما ورد في القانون الفرنسي.
1 ـ التوابع المادية :
أدرجت المادة 1615 من القانون المدني الفرنسي صراحة في تسليم الشيء : " توابعه وكل ما هو مخصص لاستعماله الأبدي " و تشير هذه العبارة على الخصوص إلى الأشياء المرتبطة بمنزل و أصبحت عقارات بالتخصيص، مثل التماثيل الموضوعة في المشكوات (Niches) و المرايا المثبة فوق المداخن، و أثاث المطبخ المهيأ.
و يتعلق الأمر في البدء بالتوابع المادية للشيء، مثل عجلة النجدة مع السيارة، صناديق التعبئة مع المنتوج الخ... و يتعلق الأمر أيضا بثمار الشيء منذ البيع، مثل بدلات الإيجار، الغلال، منتوج حيوان الخ...
2 ـ التوابع الإدارية :
بالنسبة للأشياء التي تكون محل وثائق إدارية (مثل البطاقة الرمادية للسيارات) تردد القضاء في البدء بالقول بأن انعدام البطاقة الرمادية لا يمنع السيارة من السير (24) ، لكنه قرر اليوم بأكثر تمعن بأن يجب أن ينصب على " الوثائق التي لا يستغني عنها لاستعمال عادي للسيارة تعد من توابعها " (25) . و يطبق الحل نفسه على وثائق الحيوان (26) .
و بالطبع يجب أن تكون تلك الوثائق صحيحة و صريحة.
3 – التوابع القانونية :
يتعلق الأمر هنا بحقوق مرتبطة بالشيء، بحيث أنها تشكل توابعا و تنتقل معه.
-كما هو عليه الحال في المحل الأول بالنسبة للحقوق العينية المرتبطة بشيء ، و هي الارتفاقاتles servitudes فهي بطبيعتها تتبع المال في أي يد انتقل إليها، و تنتقل بالضرورة للمشتري .
- و كما هو عليه الحال أيضا بالنسبة لبعض العقود، و التي بالرغم من مبدأ الأثر النسبي، تكون أكثر ارتباطا بالمال بحيث لا يمكن فصلها عنه.
و بموجب نصوص خاصة تتبع بذلك الشيء المبيع مثل الإيجارات، عقود التأمين، عقود العمل، و العقود الضرورية لنشاط الشركة في حالة التنازل عنها تبعا لإجراء الإنعاش Redressement، و لقد مدد القضاء هذا الحل إلى فرضيات أخرى مثل عقود التوريد لمحل تجاري، و عقود صيانة آليات، و زيادة على ذلك من المعتاد أن يتفق الطرفان صراحة على حوالة العقد Cession de contrat ، و التي لا يحتج بها على المتعاقد الآخر إلا بقبوله لها، كما أن الاجتهاد القضائي الأخير، نقل الدعاوى القضائية المرتبطة بالشيء إلى المشتري كتابع له، فقد صرحت محكمة النقض عند انعقادها في إطار جمعية كاملة Assemblé plénière مبدئيا بأن : " المشتري الفرعي يتمتع بكل الحقوق و الدعاوى المرتبطة بالشيء والتي كانت تنتمي للمالك " (27) فالمشتري يتحصل إذن على الصفة لمباشرة الدعاوى القضائية التي كان يتمتع بها البائع ضد الغير، و هكذا باستطاعة المشتري الفرعي رفع دعوى عقدية ضد الصانع.
24 ـ نقض مدني فرنسي ، الغرفة الأولى في 1 فبراير 1956 و في 19 مارس 1958 .
25 ـ نقض مدني فرنسي ، الغرفة الأولى في 22 يناير 1991 و في 5 أكتوبر 1994 .
26 ـ نقض مدني فرنسي ، الغرفة الأولى في 26 نوفمبر 1981 ، بالنسبة للوثائق السامحة لتسجيل حصان للسباق في منافسة .
27ـ لجمعية الكاملة لمحكمة النقض في 7 فبراير 1986 .
- حالة النقص و الزيادة في المبيع :
نصت المادة 364 من القانون المدني الجزائري على أنـه:
" يلتزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع ".
و تبعا لذلك، و لكي ينفذ البائع التزامه بتسليم المبيع على الحالة التي وجد عليها أثناء التعاقد، يجب عليه من باب أولي المحافظة على المبيع لحين تسليمه، وتبعا لذلك نصت المادة 167 من القانون المدني على أن:
" الالتزامات بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم ".
وإن كان الالتزام بالتسليم هو التزام ببذل عناية رب الأسرة الحريص طبقا للمادة 172 من القانون المدني بقولها :
" في الالتزامات بعمل، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء، أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي، ولو لم يتحقق الغرض المقصود، هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك.
وعلى كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم ".
وإذا عين في العقد مقدار المبيع، وجب على البائع أن يسلم المقدار المتفق عليه، لكن ما حكم النقص والزيادة في مقدار المبيع ؟
1 ـ حالة النقص في مقدار المبيع :
عالجت هذه الحالة الفقرة من المادة 365 من القانون المدني بقولها :
" إذا عين في عقد البيع مقدار المبيع كان البائع مسؤولا عما نقص منه بحسب ما يقضي بع العرف.
غير أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في البيع إلا إذا أثبت أن النقص يبلغ من الأهمية درجة لو كان يعلمها المشتري لما أتم البيع .... ".
وتبعا لذلك يكون البائع مسؤولا عما نقص في مقدار المبيع في حالتين، كما يكون غير مسئول في حالتين أيضا وسوف نتناولهما تباعا .
أ) ـ الحالتين اللتان لا يسأل فيهما البائع عن النقص في المبيع :
إذا راجعنا نص المادة 365 / 1 أعلاه نستنبط حالتان لا يكون فيهما البائع مسؤولا عما نقص في مقدار المبيع وهما:
ـ الحالــة الأولى :وتتمثل في أن يتفق البائع والمشتري في العقد ببند صريح على أن لا يسأل البائع عما ينقص في مقدار المبيع بعد التسليم، لأن أحكام المادة 365 أعلاه ليست آمرة، بل مكملة لإرادة المتعاقدين في حالة انعدام الاتفاق، وعليه تستبعد المقتضيات القانونية في حالة وجود اتفاق صريح بين الطرفين .
الحالــة الثانية: أن يكون النقص في المبيع مما يتسامح فيه طبقا لقواعد التعامل بين الأطراف، أي طبقا للعادات والأعراف، فإذا كانت العادة المطبقة والمتعارف عليها هي التسامح في نقص بسيط في المبيع، فإن البائع يتحرر من المسؤولية، ومثال ذلك أن يبيع شخص لأخر كمية من العلف على أنها عشرون قنطارا، فإذا في المبيع بعد تسلمه ووزنه بأنه تنقص فيه عشرة كيلوغرامات، فإن هذا النقص مما يتسامح فيه العرف بالنظر إلى كمية المبيع.
مع الإشارة بأنه على القاضي معرفة عرف المنطقة لاختلاف العادات من منطقة لأخرى، فما يتسامح فيه في منطقة معينة لا يتسامح فيه في منطقة أخرى، وإذا طبقت القاعدة العرفية لا يكون البائع مسئولا عن النقص المتسامح فيه، وليس للمشتري أن يطلب إنقاص الثمن أو تكملة القدر الناقص من فسخ العقد.
ب) ـ الحالتان اللتان يسأل فيهما البائع عن النقص في المبيع :
وتتمثلان في الحالة التي لا يتسامح فيها على النقص في مقدار المبيع طبقا للعرف، والحالة التي يكون فيها النقص جسميا.
الحالة الأولى النقص البسيط الذي لا يتسامح فيه طبقا للعرف: إذا كان العرف لا يسمح بالنقص في مقدار المبيع أو لا يتسامح مع النقص في المقدار إذا تجاوز نسبة معينة، فإن البائع يكون مسؤولا عن ذلك النقص، وباعتباره ليس جسميا فليس للمشتري أن يطلب فسخ البيع بل عليه أن يطلب إما إنقاص الثمن في حالة المبيع من المثليات، فمن يشتري مثلا خمسون قنطارا من القمح بثمن ثلاثة آلاف دينار للقنطار، أي بمبلغ إجمالي قدره مائة وخمسون ألف دينار، فإن من حقه أن يطلب إن ظهر بعد التسليم بأنه ينقص قنطارين من القمح :
- إما انقاض الثمن بحيث يتساوى مع الكمية المستلمة، أي ستة آلاف دينار.
- وإما إضافة القنطارين الناقصين من طرف البائع، لكون الأمر يتعلق بمبيع من المثليات .
أما إذا كان الشيء المبيع من القيميات، فإنه باستطاعة المشتري الاختيار بين الحلين أدناه:
- إما أن يطلب إنقاص الثمن ليصبح مساويا لمقدار المبيع، وللقاضي أن يلجأ إلى تعيين خبير، لتقدير قيمة المقدار الناقص، وإذا كان الثمن مقدر بحسب الوحدة، فإن عملية إنقاص الثمن تبدوا في غاية البساطة، ومثال ذلك أن يبيع شخص لأخر قطعة أرض على أن مساحتها خمسون مترا مربعا، ويكون سعر المتر المربع الواحد مليون سنتيم، ويظهر بعد التسليم بأنها تنقص بمتر مربع واحد، فإن المشتري باستطاعته أن يطلب إنقاص مبلغ مليون سنتيم من ثمن الأرض والمقدر بخمسين مليون سنتيم، ويصبح الثمن تسعة وأربعون مليون سنتيم .
- وإما أن يطلب استبدال المبيع بآخر، ولو لم يكن مماثلا للمبيع مائة بالمائة .
الحالة الثانية حالة النقص الجسيم: وهو النقص الذي يبلغ من الأهمية درجة بحيث لو كان يعلمه المشتري لما أبرم العقد، وهذا المعيار شخصي وليس موضوعي ويختلف من شخص لأخر، و للقاضي في ذلك سلطة تقديرية لتقدير ما إذا كان النقص جسيما، وللمشتري أن يثبت ذلك ويقنع القاضي بوجهه نظره.
وللمشتري آنذاك الاختيار بين أمرين:
- إما يطلب إنقاص الثمن، ويكون بذلك متنازلا عن حقه في طلب فسخ البيع.
وإما أن يطلب مباشرة فسخ البيع للنقص الجسيم، و ينفسخ العقد بأثر رجعي، و آنذاك يرد المشتري المبيع المستلم إلى البائع، ويلتزم هذا الأخير بأن يرد له الثمن، بحيث يعود الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التقاعد وهذا طبقا للقواعد العامة، وعلى ذلك نصت المادة 122 من القانون المدني.
2 ـ حالة الزيادة في مقدار المبيع :
عالجتها الفقرة 2 من المادة 365 أعلاه بقولها :
" وبالعكس إذا تبين أن قدر الشيء المبيع يزيد على ما ذكر بالعقد، و كان الثمن مقدارا بحسب الوحدة وجب على المشتري إذا كان المبيع غير قابل للتقسيم أن يدفع ثمنا زائدا، إلا إذا كانت الزيادة فاحشة ففي هذه الحالة يجوز له أن يطلب فسخ العقد، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه ".
ولقد طرحت هذه الفقرة حالتان وهما حالة انعدام اتفاق مخالف، وحالة وجود اتفاق مخالف للمقتضيات القانونية و عليه:
أ ـ حالة انعدام اتفاق مخالف:
وفي هذه تطبق الأحكام المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 365 أعلاه، والتي تتفرع إلى الحالتين وهما:
الحالة الأولى : الزيادة البسيطة في مقدار المبيع وهي زيادة غير ضخمة بحيث لا يتأثر المشتري بها تأثر كبير، وتجب التفرقة بين قابلية المبيع للتقسيم دون ضرر أو غير قابلا للتقسيم.
ـ عدم قابلية المبيع للتقسيم دون ضرر : إذا كان الثمن مقدار بحسب الوحدة، وكان المبيع غير قابلا للتقسيم دون ضرر للبائع مثل أن يبيع شخصا لأخر جهاز تلفزيون أو خزانة، أو أن يبيع شخصا لآخر قطعة من القماش على أن القماش مقاسها هو عشرون مترا، ثم يظهر بأنه زائد بنصف متر، يجب على المشتري أن يدفع زيادة في الثمن للبائع وليس له طلب فسخ العقد .
ـ قابلية المبيع للتقسيم دون ضرر : ومثال ذلك أن يشتري شخص كمية من الكتب على أنها ستون كتابا وكان السعر الإجمالي مقدرا حسب عدد الكتب، ثم تبين بأن الكمية تبلغ سبعون كتابا أو واحد وستون كتابا، فإن المبيع هنا يقبل التجزئة دون ضرر على البائع خاصة إذا كانت الكتب متماثلة في محتواها، فهنا ليس باستطاعة البائع أن يطلب من المشتري أن يدفع زيادة في الثمن بحسب الزيادة في عدد الكتب، بل باستطاعة المشتري أن يرد الكمية الزائدة للبائع.
الحالة الثانية الحالة الثانية الزيادة الفاحشة في مقدار المبيع إذا كان الثمن مقدرا بحسب الوحدة، وكان المبيع قابلا للتقسيم دون ضرر، فإنه لا يحق للمشتري طلب فسخ العقد، بل فقط أن يطلب تقسيم المبيع، أو رد المقدار الزائد للبائع، وليس للبائع أن يلزمه بالزيادة في الثمن.
وإذا كان المبيع غير قابلا للتقسيم دون ضرر، فإنه باستطاعة المشتري أن يطلب فسخ، ويعاد آنذاك المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد تبعا للتفصيل المذكور أعلاه.
والزيادة الفاحشة أو الضخمة ينظر إليها بمعيار شخصي، فهي الزيادة التي لو كان يعلم بها المشتري قبل التقاعد لما أقدم على إبرامه.
ولم ينص المشرع على الحالة التي يكون فيها الثمن معينا جملة واحدة وليس بسعر الوحدة، ويرى الأستاذ سليمان مرقس بأنه يرجع إلى قصد المتعاقدين و القواعد العامة، و يؤخذ من ذكر المتعاقدين لمقدار المبيع مع تعيين الثمن جملة واحدة أن ذكرهما المقدار إنما هو على وجه التقريب، فلا يكون للزيادة فيه أثر على البيع و ثمنه، أي أن البيع يبقى و لا يطالب المشتري بزيادة في الثمن، غير أن هذا الرأي ليس على استقامة، ذلك أنه بالرجوع إلى القواعد العامة في الالتزامات نجد بأنه يجب تطبيق قواعد الدفع غير المستحق المنصوص عليها في المادة 143 و ما بعدها من القانون المدني، و التي تنص على أنه: " كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقا له، و جب عليه رده ".
وتبعا لذلك إذا تسلم المشتري مقدار زائد في المبيع و كان الثمن مقدرا جملة واحدة، فإنه يعتبر أنه تسلم ما هو مستحق له بالنسبة للمقدار المتفق عليه، و ما هو غير مستحق بالنسبة للمقدار الزائد، و توجد حالتان:
- حالة ما إذا كان المبيع قابلا للتجزئة دون ضرر، فإنه على المشتري إرجاع الجزء الزائد للبائع إلا إذا اتفق الطرفان على أن يدفع المشتري زيادة في الثمن.
- حالة ما إذا كان المبيع غير قابل للتجزئة دون ضرر، فعلى المشتري هنا دفع زيادة في الثمن مقابل المقدار الذي استلمه دون حق.
و إذا كان المشتري سيئ النية، أي على علم بأنه استلم مبيعا به زيادة عن المقدار المتفق عليه فإنه يلزم برد الأرباح التي جناها أو التي أهمل جنيها من المقدار الزائد في المبيع الذي تسلمه بغير حق، و ذلك من يوم استلامه له أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية.
ب ـ حالة وجود اتفاق مخالف:
لا تطبق الأحكام السابقة في حالة اتفاق المتعاقدين على مخالفتها، و ذلك أنه باستطاعتهما ان يتفقوا على إسقاط حق المشتري في فسخ البيع إن كانت الزيادة فاحشة، بل عليه فقط طلب إنقاص المبيع إن كان قابلا للتجزئة أو الزيادة في الثمن، كما يجوز الاتفاق على اعتبار المقدار الزائد من المبيع هبة من البائع للمشتري، و بالتالي لا يحق للبائع المطالبة بزيادة في الثمن، و لا أن يطلب إرجاع الجزء الزائد.
3 ـ تقادم الدعاوى الناشئة عن التقص و الزيادة في مقدار
تناولته المادة 366 من القانون المدني بقولها:
" إذا وجد في قدر المبيع نقص أو زيادة، فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن، أو فسخ العقد و حق البائع في طلب تكملة الثمن يسقطان بالتقادم بعد مضي سنة من وقت تسليم المبيع تسليما فعليا ".
و الحكمة من جعل مدة السنة تبدأ من يوم التسليم الفعلي و ليس من يوم إبرام العقد، هي كون تلك المدة قصيرة وقد تنقضي تلك المدة القصيرة قبل أن ينكشف العجز أو الزيادة في المبيع، فتسقط تلك الدعاوي قبل أن يعلم ذوو الشأن بثبوت حقهم فيها، كما أنه لا يتسنى للمشتري أن يسيطر على المبيع سيطرة فعلية إلا من يوم تسلمه له تسلما فعليا بحيث يكون باستطاعته التأكد من مقداره الحقيقي.
و لذلك لا يعتد بالتسليم القانوني مثل وضع المبيع تحت تصرف المشتري، بل يجب أن يضع المشتري يده على المبيع ويحوزه حيازة مادية.
و مدة السنة هذه من النظام العام، إذ لا يجوز الاتفاق على تقصيرها أو إطالتها، غير أنه يجوز لأي من المتعاقدين التنازل عن رفع تلك الدعاوى طبقا للقواعد العامة، و ينقطع التقادم بالطرق التالية:
ـ رفع الدعوى و لو أمام محكمة غير مختصة.
ـ بإلزام بالدفع الذي يحرره المحضر القضائي، و الذي يطلب فيه البائع الزيادة في الثمن، و يطلب المشتري إنقاص الثمن.
ـ بالحجز على المبيع.
- بالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليسة المدين.
و لا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بالتقادم، بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين الذي يثيره أثناء رفعه لدعواه، أو يدفع به إذا رفعت الدعوى ضده من طرف الدائن.
و بالنسبة للحالة التي يكون فيها ثمن المبيع مقدرا جملة واحدة وليس بسعر الوحدة، فإن دعوى البائع للمطالبة باسترداد الجزء الزائد من المبيع، هي كما أسلفنا دعوى استرداد ما دفع بغير حق و تطبق عليه المادة 149 من القانون المدني، و تسقط بالتقادم المقدر بعشر سنوات و يبدأ من اليوم الذي يعلم فيه البائع بأنه دفع زيادة في المبيع أو بعد خمس عشر سنة من يوم التسليم.
و سبب ذلك أن المادة 366 مدني لم تنص على مدة تقادم دعوى البائع في استرداد ما دفعه بغير حق، بل نصت فقط على دعواه المتعلقة بتكملة الثمن، و تبعا لذلك لو اختار البائع دعوى تكملة الثمن فإنها تتقادم بمضي مدة سنة تبدأ من يوم التسليم الفعلي للشيء المبيع .