من مذكرة نهاية التدريب الخاصة بي
طرق الطعن وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/09
يتميز الحكم بطبيعة مزدوجة فهو من جهة عمل يطبق فيه القاضي إرادة القانون ومن جهة أخرى يخضع لإجراءات من تاريخ الرفع إلى غاية النطق أو إجراءات تحضيرية قبل رفع الدعوى، وبالتالي فإن خطأ القاضي يأخذ إحدى الصورتين: خطأ في التقدير أو خطأ في الإجراء.
فالخطأ التقديري يحدث عندما لا يسقط القاضي النص الصحيح على الوقائع المعروضة عليه، أما الخطأ الإجرائي فيحدث بسبب خطأ في ذات الحكم أو بسبب نقص صادر عن أحد الخصوم بعدم قيامه بإجراء معين.
وهنا وفي هاته الحالات يأتي دور طرق الطعن باعتبارها الوسائل القانونية التي أقرها المشرع لمراجعة مثل هذا النوع من الأحكام، وذلك لطلب تعديلها أو إلغائها، وقد أولى المشرع لهذه الطرق الفصل الأول من الباب التاسع من قانون 08/09 المتعلق بقانون الإجراءات المدنية والإدارية وذلك في المواد 313 إلى 322.
وتنقسم هذه الطرق إلى طرق طعن عادية وأخرى غير عادية وفق تقسيم تقليدي يقوم أساسه على:
اختلاف طبيعة الطريق والهدف من تنظيمه:
ـ العادية لا تنظر إلى عيوب معينة في الحكم وإنما طرح النزاع من جديد على جهة أعلى من المصدرة.
ـ غير العادية ترمي إلى إعلان أو إبراز عيب قانوني في الحكم.
نتائجها العملية:
ـ العادية يفترض فيها عدم عدالة الحكم فيلجأ خاسر الدعوى إلى هذه الطرق أما غير العادية فتبرز عيوب الحكم والتي هي على وجه الحصر في القانون.
ـ العادية ترمي إلى تأكيد عدالة الحكم وذلك بطرح النزاع مرة أخرى، فقاضي الحكم الأول هو نفسه قاضي الحكم الثاني ( قاضي الموضوع) وإنما الاختلاف في الشخص والتشكيلة ( التدرج القضائي ) وهذا الحكم الذي يصدر في الدرجة الثانية هو ذو الفاعلية، أما طرق الطعن غير العادية فترمي إلى معالجة عيوب الحكم.
ولكي تنتج هذه الطرق ما هو مرجو منها فإن على سالك أحدها أن يعرف أهم القواعد التي تتحكم به، وهي أولا المواعيد والتي تختلف باختلاف الطريق المسلوك إلا أنها كلها تشترك في كونها يبدأ حسابها جميعا من تاريخ التبليغ الرسمي، هذا الأخير الذي عرفه المشرع في المادة 321 بأنه يكون كذلك الذي يتم في العنوان المذكور في الحكم بغض النظر عما إذا كان هو الموطن الأصلي أو المختار ويبلغ هناك حتى وإن غير المطعون ضده موطنه إلى موطن أخر، والتبليغ الرسمي يسري في حق كل من المبلغ والمبلغ له.
إلا أنه وبالرجوع لأحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية فإننا نجد أن هناك حالات يبدأ فيها الحساب من واقعة أخرى غير التبليغ الرسمي، وهذه الحالات هي:
الحكم على الخصوم بالتضامن أو في نزاع غير قابل للتجزئة، فإن أجل الطعن لا يسري إلا على من تم تبليغه رسميا، وعندما يكون في مصلحتهم جاز لكل منهم التمسك بالتبليغ الرسمي الذي قام به أحدهم م316.
شخص موضوع تحت الولاية وفي هذه الحالة من تاريخ تبليغ الولي رسميا، وإذا كانت مصالحهما متضاربة فهنا يبلغ المتصرف الخاص م317.
تغير أهلية المحكوم عليه، ويبدأ الحساب للميعاد من تاريخ زوال العارض أو تبليغ الولي م318.
أما في حالة وفاة المحكوم عليه فالحساب يبدأ من تاريخ تبليغ خلفه م319.
عموما وكأصل فإن الحق في الطعن يسقط بمرور سنتين من تاريخ النطق بالحكم الحضوري الفاصل في موضوع النزاع والحكم الفاصل في أحد الدفوع التي تنهي الخصومة، ولو لم يتم تبليغه م 314.
وإن كان يترتب على عدم مراعاة المواعيد السقوط سواء للحق أو ممارسة حق الطعن، إلا أنه وكاستثناء فإنه وفي حالة القوة القاهرة أو وقوع أحداث من شأنها التأثير في السير العادي لمرفق العدالة، يمكن تقديم طلب رفع السقوط وذلك وفقا لما نصت عليها المادة 322 في فقرتها الثانية من ق.إ.م وإ.
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
تنقسم طرق الطعن العادية لطريقين هما المعارضة والاستئناف، والتي حددتهما المادة 313 ق.إ.م
المطلب الأول: المعارضة
الفرع الأول: ماهية الطعن بالمعارضة
يعرف الطعن بالمعارضة بأنه طريق طعن عادي في الأحكام الغيابية بمقتضاه يتقدم من صدر عليه الحكم في غيبته إلى ذات المحكمة التي أصدرته طالبا منها سحبه أو إعادة نظر الدعوى وذلك بتقديم دفوعه وطلباته التي لم يبدها وقت صدور الحكم الغيابي، ولذلك نصت المادة 327 ق.إ.م غلى أنه " تهدف المعارضة المرفوعة من قبل الخصم المتغيب إلى مراجعة الحكم أو القرار الغيابي ليفصل في القضية من جديد من حيث الوقائع والقانون ويصبح الحكم أو القرار المعارض فيه كأن لم يكن ما لم يكن هذا الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل "
إضافة إلى ذلك فإنه وطبقا للمادة 328 من ق.إ.م يكون الطعن بالمعارضة أمام الجهة القضائية المصدرة للحكم أو القرار الغيابي بحيث لا يجوز رفعها أمام جهة قضائية من نفس الدرجة أو إلى جهة قضائية أعلى.وما يجدر ملاحظته أنه إذا كان من صدر الحكم في غيبته له حق الطعن بالمعارضة ورفع طعنا بالاستئناف فإن ذلك لا يؤدي إلى رفض طعنه بحجة عدم استنفاذ طريق الطعن بالمعارضة وإما يعتبر موقفه هذا بمثابة تنازل عن الطعن بالمعارضة.
الفرع الثاني: الأحكام القابلة للطعن بالمعارضة
لا يقبل الطعن بالمعارضة إلا إذا كان الحكم المطعون فيه صدر غيابيا طبقا لأحكام المادة 294 ق.إ.م وإ ، ويكون الحكم غيابيا في حالة ما إذا لم يحصر المدعى عليه أو وكيله أو محاميه رغم صحة التكليف بالحضور م 292 ق.إ.م ، وبذلك يستبعد من نطاق الطعن بالمعارضة ما يلي:
1. الأحكام الحضورية.
2. الأحكام المعتبرة حضوريا عندما يتخلف المدعى عليه المكلف بالحضور شخصيا أو وكيله أو محاميه عن الحضور طبقا لنص المادة 392.
3. الأوامر الاستعجالية الصادرة عن المحكمة طبقا لأحكام المادة 303 ، غير أن القرارات الاستعجالية الغيابية فإنها تقبل الطعن بالمعارضة طبقا لنص المادة 304 فقرة 02
الفرع الثالث: ميعاد الطعن بالمعارضة وإجراءاتها
وفقا لما جاءت به المادة 329 فإن ميعاد الطعن بالمعارضة في الأحكام والقرارات الغيابية هو شهر واحد يسري من تاريخ التبليغ الرسمي لهذا الحكم أو القرار الغيابي ، إلا أن هذا الأجل لا يسري بالنسبة للقرارات الاستعجالية حيث يكون 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي.
أما بالنسبة لإجراءات الطعن بالمعارضة فيكون وفقا لأحكام المادة 330 من ق.إ.م وإ أي:
عريضة تكون طبقا للأشكال المقررة لعريضة افتتاح الدعوى م 330 /01 .
وجوب التبليغ الرسمي للعريضة لكل أطراف الخصومة م330/02.
إرفاق عريضة المعارضة بنسخة من الحكم المعارض فيه تحت طائلة عدم القبول شكلا م 330/03.
الفرع الرابع: أثار الطعن بالمعارضة
حتى لا تبقى الدعوى محل أخذ ورد أمام الجهة القضائية بفعل الطعون التي يلجأ إليها الخصوم في حالة الغياب المتكرر فإن المشرع وبموجب المادة 331 قد اعتبر أن الحكم الصادر في المعارضة حضوري في مواجهة جميع الخصوم ولا يقبل الطعن بالمعارضة مرة أخرى ، أي لا معارضة على معارضة ، إضافة لهذا المبدأ القانوني فإن مجرد تسجيل المعارضة يؤدي إلى وقف تنفيذ الحكم المعارض فيه خلال فترة الطعن فيه.
المطلب الثاني: الاستئناف
الفرع الأول: ماهية الطعن بالاستئناف
يعتبر الطعن بالاستئناف الترجمة الفعلية والعملية لمبدأ التقاضي على درجتين، أين يعاد بواسطته طرح ذات النزاع من طرف قاضي أعلى درجة ممن فصل فيه لأول مرة وذلك من خلال النظر فيه من حيث الوقائع والقانون، وهذا كله يسمح بتدارك أخطاء قضاة الدرجة الأولى وبالتالي إتاحة الفرصة للخصوم لتقديم ما فاتهم من أدلة ودفوع في الدعوى.
والاستئناف كطريق طعن عادي في الأحكام القضائية يرفعه كقاعدة الخصم الذي خسر الدعوى سواء كانت الخسارة كلية أو جزئية بهدف مراجعتها أو إلغاء الحكم المستأنف، وهذا على نحو ما نصت عليه المادة 332 من ق.إ.م وإ
" يهدف الاستئناف إلى مراجعة أو إلغاء الحكم المستأنف ".
الفرع الثاني: الأحكام القابلة للطعن بالاستئناف
بالرجوع إلى أحكام المادة 332 نجد أنها قد أوجدت قاعدة عامة مفادها بأن كل الأحكام الصادرة في جميع المواد قابلة للاستئناف عندما تفصل في موضوع النزاع أو في أي دفع يثار ينهي الخصومة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ومنه فإن الاستئناف يخص الأحكام الحضورية والأحكام المعتبرة حضوريا، إضافة إلى الأوامر الاستعجالية الصادرة في أول درجة طبقا لما نصت عليه المادة 304 فقرة 01.
غير أنه وكحال أي قاعدة عامة فقد أورد المشرع ولاعتبارات خاصة على هذه القاعدة، أين توجد حالات لا تقبل الطعن بالاستئناف والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
1. الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها 200.000دج: وهي التي نصت عليها المادة 33 " تفصل المحكمة بحكم في أوال وأخر درجة في الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها مائتي ألف دينار جزائري (200.000دج ) إذا كانت قيمة طلبات المقدمة من المدعي لا تتجاوز لا تتجاوز مائتي ألف دينار جزائري تفصل المحكمة بحكم في أول وأخر درجة حتى ولو كانت قيمة الطلبات المقابلة أو المقاصات القضائية تتجاوز هذه القيمة وتفصل في جميع الدعاوى الأخرى بأحكام قابلة للاستئناف ".
ومنه فإن ما يستخلص من هذه المادة بالنسبة لهذه الحالة المستثناة من الطعن بالاستئناف فيما يتعلق بالقيمة المحددة أن العبرة تكون بالطلب الأصلي أو الإضافية.
2. الأحكام غير الفاصلة بصفة كلية في الموضوع: نصت على هذه الحالة المادة 334 أين قضت بأن الأحكام الفاصلة في جزء من موضوع النزاع أو التي تأمر بالقيام بإجراء من إجراءات التحقيق أو تدبير مؤقت لا تقبل الاستئناف إلا مع الحكم الفاصل في أصل الدعوى برمتها ما لم ينص القانون غلى خلاف ذلك، وبهذا يكون المشرع قد ألغى تقسيم هذا النوع من الأحكام والتي تعرف بالأحكام التمهيدية والأحكام التحضيرية.
ويلاحظ أن عدم قبول الاستئناف لا يقتصر فقط على الأحكام التي تأمر بإجراء من إجراءات التحقيق وإنما تمتد أيضا للأحكام الفاصلة جزئيا في الموضوع، كأن يقضى بإخلاء القطعة الأرضية المتنازع عليها مع تعيين خبير لتقويم الاستغلال غير المشروع فإن هذا الحكم لا يعد قابلا للاستئناف طالما وأنه لم يفصل في النزاع برمته.
3. الأحكام الفاصلة في نتائج الخبرة إذا ما كانت المناقشة الخاصة بالخبرة تبدى لأول مرة أمام المجلس: وهذه الحالة جاءت بها أحكام المادة 145 بقولها" لا يجوز استئناف الحكم الأمر بالخبرة أو الطعن فيه بالنقض إلا مع الحكم الفاصل في موضوع النزاع.
لا يمكن أن تشكل المناقشات المتعلقة بعناصر الخبرة أسبابا لاستئناف الحكم أو الطعن فيه بالنقض إذا لم تكن
أثيرت مسبقا أمام الجهة القضائية التي فصلت في نتائج الخبرة ".
أي أن الأمر يتعلق بمناقشة جديدة لعناصر الخبرة.
4. الأحكام الفاصلة في الاعتراض على النفاذ المعجل: وهذا المبدأ قررته المادة 326 بأنه لا يقبل أي طعن في الأحكام الفاصلة في الاعتراض على النفاذ المعجل ، وبالتالي ف‘ذا كانت المحكمة قد قضت بشأن الاعتراض على النفاذ بحذفه أو رفضه فإنه لا يكون لأي طرف من أطراف الخصومة الحق بالطعن بالاستئناف في هذا الحكم.
الفرع الثالث: ميعاد الطعن بالاستئناف وإجراءاته
حددت المادة 336 ميعاد الطعن بالاستئناف في الأحكام العادية بأجل شهر واحد ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم للشخص ذاته، والذي يكون كذلك إذا تم وفقا للمواد 408، 409، 411، 412 و413 .
إلا أنه وطبقا للفقرة الثانية من المادة 336 فإنه يمكن لهذا الميعاد أن يمدد إلى شهرين وذلك في حالة إذا ما كان التبليغ الرسمي في الموطن الحقيقي أو المختار ولم يتم للشخص ذاته.
وفي كلتا الحالتين فإذا ما كان الحكم المستأنف غيابي فإن أجل سريان الاستئناف لا يبدأ إلا بعد انقضاء أجل المعارضة، مع استثناء الأوامر الاستعجالية باعتبارها غير قابلة للطعن بالمعارضة والتي يكون فيها ميعاد الاستئناف 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي طبقا لأحكام المادة 304 فقرة 03.
والجدير بالتذكير بأنه في حالة رفض التظلم من الأمر الصادر برفض استصدار أمر على عريضة يكون قابلا للاستئناف أمام رئيس المجلس خلال 15 يوما من صدور أمر الرفض مع إعفاء الطاعن من التمثيل بمحام وهذا طبقا لنص المادة 312.
أما بالنسبة لإجراءات رفع الاستئناف فتكون على النحو التالي:
عريضة تودع لدى أمانة ضبط المجلس القضائي الذي صدر الحكم في دائرة اختصاصه، غير أنه يجوز أن يسجل بأمانة ضبط المحكمة مصدرة الحكم المستأنف في سجل خاص م 539 ، ويقوم أمين الضبط بعد قيد العريضة بتسجيل رقم للقضية وتاريخ أول جلسة على نسخ العريضة.
تضمين عريضة الاستئناف تحت طائلة عدم قبولها شكلا بالبيانات التالية: الجهة القضائية مصدرة الحكم ، اسم ولقب وموطن المستأنف والمستأنف عليه وإذا لم يكن لهذا الأخير موطن معروف فأخر موطن له ، عرض موجز للوقائع والطلبات والأوجه التي أسس عليها الاستئناف ، الإشارة إلى طبيعة وتسمية الشخص المعنوي ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو الاتفاقي، إضافة إلى توقيع المحامي وعنوانه المهني م(540)، غير أن التمثيل بمحام جوازي في مادة شؤون الأسرة والمادة الاجتماعية بالنسبة للعمال، أما الدولة والولاية والبلدية والمؤسسات ذات الصبغة الإدارية فهي من معفاة من التمثيل الوجوبي بمحام طبقا لصن المادة 538، ويجب كذلك إرفاق عريضة الاستئناف بنسخة عن الحكم المستأنف.
التبليغ الرسمي للعريضة وعلى المستأنف مراعاة أجل 20 يوما على الأقل من تاريخ تسليم التكليف بالحضور والتاريخ المحدد لأول جلسة م 539.
وخلال أول جلسة على المستأنف طبقا لنص المادة 542 أن يقدم نسخة من محاضر التبليغ الرسمي والوثائق المدعمة للاستئناف، ويمنح له أجل لذلك أما إذا لم يفعل بعد الأجل فللمجلس إصدار أمر بالشطب دون مبرر ولا يكون قابلا للطعن ، والذي يترتب عليه إزالة الأثر الموقف للاستئناف ما لم يعاد تسجيل القضية في الجدول خلال أجال الاستئناف المتبقية.
والجدير بالذكر أيضا هو جواز رفع المستأنف عليه لاستئناف فرعي بمناسبة الاستئناف الأصلي في مرحلة كانت عليها الدعوى رغم انقضاء أجل الطعن، والذي يكون تابعا بصفة أصلية للاستئناف الأصلي فلا يقبل إلا إذا بقبول هذا الأخير.
الفرع الرابع: أثار الطعن بالاستئناف
وهي تتلخص فيما يلي:
لا يستفيد من الطعن بالاستئناف إلا من قام برفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، وبالتالي ينحصر أثر الطع عليهما فقط إلا أن لهذه القاعدة استثناء وذلك في حالة عدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة أو التزام بالتضامن بين الخصوم م 338/02، 03 .
للطعن بالاستئناف أثر ناقل للخصومة أمام المجلس القضائي ( كلي أو جزئي ) وذلك في حدود مطالب الاستئناف، وبالتالي فالمجلس مقيد بنظر الاستئناف في حدود ما طلب بعريضة الاستئناف.
الاستئناف لا ينقل سوى الطلبات القضائية التي سبق تقديمها أمام المحكمة الابتدائية فلا يجوز تقديم أي طلب قضائي لأول مرة أمام المجلس، إلا أن المادة 341 ق.إ.م وإ جاءت باستثناءات لهذا الأثر(الطلبات الرامية إلى المقاصة ، الرامية لاستبعاد الطلبات المقابلة ، المقابلة التي تبدى في مواجهة المتدخل على مستوى المجلس ، التي تبدى نتيجة اكتشاف واقعة جديدة أو حدوث واقعة ، الفوائد والتعويضات وبدل الإيجار م 324 وكذا الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي والمقابلة والمتعلقة بالتعويض عن الاستئناف التعسفي ).
بالنسبة للاستئناف الفرعي ونظرا لارتباطه بالاستئناف الأصلي فإن أي تنازل عن هذا الأخير يترتب عليه عدم قبول الاستئناف الفرعي.
المبحث الثاني: طرق الطعن غير العادية
نص المشرع على هذه الطرق في المواد 348 إلى 397 ق.إ.م وإ، وهي اعتراض الغير الخارج عن الخصومة ، التماس إعادة النظر والطعن بالنقض.
المطلب الأول: الطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة
الفرع الأول : ماهية اعتراض الغير الخارج عن الخصومة
هو طريق قرره المشرع لكل شخص لم يكن خصما أو ممثلا أو متدخلا في الدعوى ويضر به الحكم الصادر فيها ، والذي لم يحدد له أسباب محددة لمباشرته عكس باقي طرق الطعن غير العادية.
و بالرجوع إلى ما جاءت به المادة 381 فإننا نجد أن شروط الطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة تتمثل في:
ـ توافر شرط المصلحة بمعنى أن يكون الحكم المطعون فيه ماسا بحقوق المعترض ويلحق به ضررا والذي قد ينشأ من مجرد الحكم أو من تنفيذه بما يشكل اعتداء على حق أو مصلحة.
ـ الطاعن لم يكن طرفا في الدعوى المنتهية بالحكم المطعون فيه.
ـ ألا يكون الطاعن ممثلا بالدعوى المنتهية للحكم محل الطعن سواء كان تمثيلا قانونيا ، اتفاقيا أو قضائيا.
الفرع الثاني: الأحكام القابلة للطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة
وفقا لنص المادة 380 ق.إ.م وإ فإنه يستخلص أن هذه الأحكام هي:
1. الأحكام والقرارات القضائية الفاصلة في أصل النزاع أي في موضوعه.
2. الأوامر والقرارات الاستعجالية الفاصلة في الموضوع وذلك بعد أن منحت المادة 300 ق إ.م وإ هذا الاختصاص لقاضي الاستعجال في الحالات المقررة قانونا مثل الولاية على أموال القاصر وتعيين المقدم والوصي، وبالتالي تخرج من الطعن بالاعتراض الأوامر الولائية م 310 ق.إ.م وإ وكذا الأوامر والقرارات الاستعجالية الوقتية.
الفرع الثالث: ميعاد الطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة وإجراءاته
يرفع الطعن بالاعتراض خلال 15 سنة من صدور الحكم المراد الطعن فيه وهذا في حالة عدم التبليغ ، أما في حالة التبليغ فيكون الميعاد خلال شهرين من تاريخ التبليغ الرسمي على أن يشار في التبليغ إلى هذا الأجل والحق في ممارسة اعتراض الغير الخارج عن الخصومة م 384 ق.إ.م إ
ويرفع الاعتراض وفقا للأشكال المقررة لرفع الدعوى أمام الجهة القضائية مصدرة الحكم أو القرار أو الأمر المطعون فيه ، على أن يتم إرفاق هذه العريضة بوصل يثبت إيداع مبلغ الغرامة المدنية التي يمكن الحكم بها وحدها الأقصى 20.000دج طبقا لنص المادتين 385 و388 ق.إ.م وإ.
كما يجب تكليف جميع أطراف الخصومة بالحضور م 382 ق.إ.م وإ ، غير أنه وعكس ما يشترطه القانون بالنسبة لباقي الطعون تحت طائلة عدم القبول فإن هذا النوع من الطعون لم يشترط فيه إرفاق عريضة الطعن بالاعتراض بنسخة من الحكم المطعون فيه وهذا راجع إلى صعوبة الحصول على نسخة أصلية من الحكم أو القرار أو الأمر الذي لم يكن فيه الطاعن طرفا ، ومع ذلك يستحسن إرفاق العريضة بنسخة بعد السعي للحصول عليها ولو بأمر على ذيل عريضة.
الفرع الرابع: أثار الطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة
يترتب على الطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة الآثار التالية:
عدم وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم يأمر بإيقاف تنفيذه من طرف قاضي الاستعجال طبقا لنص المادة 386 ق.إ.م وإ.
إعادة طرح الدعوى أمام الجهة القضائية مصدرة الحكم المطعون فيه للفصل فيه من جديد من حيث الوقائع والقانون م 380/02 ق.إ.م إ
تنظر الجهة القضائية المختصة في الطعن في حدود ما رفع إليها من اعتراض م 387 إلغاء أو تعديلا.
إذا قضي برفض الاعتراض فللجهة القضائية المختصة صلاحية الحكم بغرامة مدنية من 10.000 إلى 20.000دج ، وللمطعون ضده الحق في المطالبة بالتعويض عن الطعن التعسفي م 388
الحكم الصادر في اعتراض الغير الخارج عن الخصومة يقبل كل طرق الطعن المقررة م 389 ق.إ.م وإ.
المطلب الثاني: الطعن بالتماس إعادة النظر
الفرع الأول: ماهية بالتماس إعادة النظر
يسمى هذا الطعن هكذا لأنه وقبل 1979 وتغيير مصطلحه إلى الطعن بإعادة النظر، كان على المدعي عند سلوكه أن يستأذن المحكمة بعريضة يستخدم فيها أسلوبا في غاية الأدب وخاليا من أي طعن في القضاة.
وقد نصت المادة 392 على أسباب تقديم التماس إعادة النظر والتي حصرتها في سببين رئيسيين هما:
1. إذا بني الحكم أو القرار أو الأمر على شهادة شهود أو وثائق اعترف بتزويرها أو تبين قضائيا بعد صدور هذا الحكم أو القرار أو الأمر وحيازته قوة الشيء المقضي فيه.
2. إذا أكتشف بعد صدور الحكم أو القرار أو الأمر الحائز لقوة الشيء المقضي فيه أوراق حاسمة في الدعوى كانت محتجزة عمدا لدى أحد الخصوم.
الفرع الثاني: الأحكام القابلة للطعن بالتماس إعادة النظر
ـ الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة: وذلك عند صدور حكم فاصل في الموضوع عن المحكمة بوصفها أول وأخر درجة للتقاضي وتفصل بحكم ابتدائي ونهائي مثل ما نصت عليه المادة 32 ق.إ.م وإ لما تكون قيمة الدعوى لا تتجاوز 200.000دج.
ـ القرارات القضائية الصادرة عن المجلس كجهة استئناف وتكون هذه القرارات فاصلة في الموضوع.
ـ الأوامر الاستعجالية الفاصلة في الموضوع سواء كانت صادرة عن محكمة أو مجلس على نحو ما نصت عليه المادة 300 ق.إ.م وإ ، ويستثنى منها الأوامر الولائية والأوامر الاستعجالية الوقتية.
أي لقبول التماس إعادة النظر يجب أن يكون الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي فيه وباستنفاذ الطاعن لكافة طرق الطعن العادية.
الفرع الثالث: ميعاد الطعن بالتماس إعادة النظر وإجراءاته
يرفع التماس إعادة النظر في أجل شهرين ابتداء من تاريخ ثبوت تزوير شهادة الشاهد أو ثبوت التزوير أو تاريخ اكتشاف الوثيقة المحتجزة م 393 ق.إ.م وإ، وذلك وفقا للأشكال المقررة لرفع الدعوى أمام الجهة القضائية مصدرة الحكم أو القرار أو الأمر محل الطعن م 391 ق.إ.م إ
حيث يجب أن ترفق عريضة الالتماس تحت طائلة عدم قبول الطعن بالحكم أو القرار أو الأمر محل الطعن ، إضافة إلى وصل يثبت إيداع الكفالة لا تقل عن الحد الأقصى للغرامة المدنية التي يمكن الحكم بها في حالة رفض الطعن والتي تقدر بـ 20.000دج طبقا لنص المادتين 393 و397 ق.إ.م وإ ، مع التأكيد أن هذا الطعن لا يرفع إلا ممن كان طرفا في الحكم أو القرار أو الأمر محل الطعن م 391 ق.إ.م وإ.
الفرع الرابع: أثار الطعن بالتماس إعادة النظر
ليس له أثر موقف وهذا ما نصت عليه المادة 348.
في حالة قبول الالتماس تنظر الجهة القضائية المختصة في الخصومة من حيث الوقائع والقانون م 390/02
عدم جواز تقديم التماس إعادة النظر من جديد في حكم أو قرار أو أمر فاصل في الالتماس، سواء فصل بقبول هذا الالتماس أو رفضه م 396.
يقتصر دور المراجعة في الطعن بالالتماس إعادة النظر على المقتضيات التي تبرر مراجعتها فقط ما لم توجد مقتضيات أخرى مرتبطة بها (م395)
يجوز الحكم على من خسر الطعن بالتماس إعادة النظر بغرامة مدنية تتراوح بين 10.000دج
و20.000دج دون الإخلال بالحكم عليه بالتعويضات التي قد يطالب بها المدعى عليه في الطعن م397.ا.م.
المطلب الثالث: الطعن بالنقض
الفرع الأول: ماهية الطعن بالنقض
يعرف الطعن بالنقض بأنه الطريق المقرر لإعادة النظر في الأحكام والقرارات المخالفة للقانون بقصد نقضها من طرف المحكمة العليا باعتبارها على هيئة قضائية في قمة التنظيم القضائي ، أي ترى حسن تطبيق القانون بنوعيه الموضوعي والإجرائي معا.
وقد نصت على حالات الطعن بالنقض المادة 358 من ق.إ.م وإ و هي محددة على سبيل الحصر والتي تم توسيعها على حساب التضييق من حالات الطعن بالالتماس:
1. مخالفة قاعدة جوهرية في الإجراءات
2. إغفال الأشكال الجوهرية للإجراءات
3. عدم الاختصاص.
4. تجاوز السلطة.
5. مخالفة القانون الداخلي.
6. مخالفة القانون الأجنبي المتعلق بقانون الأسرة .
7. مخالفة الاتفاقيات الدولية.
8. انعدام الأساس القانوني.
9. انعدام التسبيب.
10. قصور التسبيب.
11. تناقض التسيب مع المنطوق.
12. تحريف المضمون الواضح والدقيق لوثيقة معتمدة في الحكم أو القرار.
13. تناقض أحكام أو قرارات صادرة في أخر درجة، عندما تكون حجية الشيء المقضي فيه قد أثيرت بدون جدوى، وفي هذه الحالة يوجه الطعن بالنقض ضد أخر حكم أو قرار من حيث التاريخ، وإذا تأكد هذا التناقض يفصل بتأكيد الحكم أو القرار الأول.
14. تناقض أحكام غير قابلة للطعن العادي، في هذه الحالة يكون الطعن بالنقض مقبولا ولو كان أحد الأحكام موضوع طعن بالنقض سابق انتهى بالرفض، وفي هذه الحالة يرفع الطعن بالنقض حتى بعد فوات الأجل المنصوص عليه في المادة 354 أعلاه، ويجب توجيهه ضد الحكمين، وإذا تأكد هذا التناقض تقضي المحكمة العليا بإلغاء أحد الحكم أو الحكمين معا.
15. وجود مقتضيات متناقضة ضمن منطوق الحكم أو القرار.
16. الحكم بما لم يطلب أو بأكثر مما طلب.
17. السهو عن الفصل في احد الطلبات الأصلية.
18. إذا لم يدافع عن ناقصي الأهلية.
الفرع الثاني: الأحكام القابلة للطعن بالنقض
الأحكام والقرارات الفاصلة في الموضوع النزاع في أخر درجة عن المحاكم والمجالس القضائية م350 وهذا يخص الأحكام الصادرة عن المحكمة في حدود اختصاصها كأول وأخر درجة إضافة للقرارات القضائية الصادرة عن المجالس.
الأحكام والقرارات الصادرة في أخر درجة والتي تنهي الخصومة بالفصل في أحد الدفوع.
ومنه يستثنى من مجال الطعن بالنقض الأحكام الصادرة في أخر درجة غير الفاصلة في الموضوع والأحكام والقرارات التي هي محل طعن بالتماس إعادة النظر.
الفرع الثالث: ميعاد الطعن بالنقض وإجراءاته
يرفع الطعن بالنقض في أجل شهرين تبدأ من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم المطعون فيه إذا كان التبليغ شخصيا ويمدد الأجل إلى 3 اشهر إذا تم التبليغ الرسمي في موطنه الحقيقي أو المختار، ولا يسري هذا الأجل للأحكام والقرارات الغيابية إلا بالانقضاء الأجل المقرر للمعارضة م 356 ، إلا أن هذا الأجل يتوقف سريانه عند تقديم طلب المساعدة القضائية ، ويستأنف سريانه للمدة المتبقية ابتداء من تاريخ تبليغ المعني بقرار المساعدة القضائية بواسطة رسالة مع إشعار الاستلام.
ولا يفوت التنويه ما تضمنته 434 ق ا م ا بأن سريان أجال الطعن بالنقض في حالة الطلاق بالتراضي تبدأ من تاريخ النطق بالحكم لا تاريخ تبليغه.
يرفع الطعن بالنقض بعريضة من محام معتمد لدى المحكمة العليا وتودع بأمانة ضبط المحكمة العليا كما يجوز سلوك الإجراء نفسه لدى أمانة ضبط المجلس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصه الحكم على موضوع الطعن طبقا لنص المادتين560و562 ق.إ.م وإ ، يعرض فيها الأوجه القانونية لتأسيس طعنه خلال اجل شهرين ابتداء من تاريخ التصريح بالطعن بالنقض تحت طائلة عدم قبول الطعن شكلا م 563/02.
يجب على الطاعن تبليغ المطعون ضده رسميا خلال أجل شهر واحد من تاريخ التصريح بالنقض بنسخة من محضر التصريح بالطعن عريضة الطعن المؤشر عليها من أمانة الضبط وينبهه بأنه يجب عليه تأسيس محام إذا رغب في الدفاع عن نفسه ويتم التبليغ الرسمي طبقا للمواد 404 إلى 416 ق.إ.م وإ ، وهذا حسب المادتين 563/1 و 564.
الفرع الرابع:أثار الطعن بالنقض:
ليس له أثر موقف إلا إذا تعلق الطعن بحالة الأشخاص أو أهليتهم، وفي دعوى التزوير م 361.
إذا كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة ورفع الطعن من أحد الخصوم فإنه ينتج أثره بالنسبة لباقي الخصوم حتى وان لم يطعنوا بالنقض أما إذا رفع في موضوع غير قابل للتجزئة لا يكون الطعن مقبولا ما لم يتم استدعاء باقي الخصوم م 362.
يتم نقض الحكم أو القرار المطعون فيه كليا أو جزئيا بحسب قابلية الحكم أو القرار للتجزئة.
يقتصر أثره على مجال الأوجه التي أسس عليها عدا في حالة عدم قابلية التجزئة.
وفي حالة نقض الحكم أو القرار المطعون فيه فإن المحكمة العليا تحيل القضية إما أمام الجهة القضائية التي أصدرته بتشكيلة
جديدة، وإما أمام جهة قضائية أخرى من نفس النوع والدرجة ومنه:
*/ يعيد قرار النقض الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم أو القرار المطعون فيه.
*/ بقوة القانون يلغى كل حكم صدر بعد النقض لما يكون تطبيقا وتنفيذا لما طعن فيه.
*/عدم قبول التدخل من الغير أمام جهة الإحالة، عكس من كانوا طرفا أمام الجهة القضائية المنقوض حكمها ولم يكونوا طرفا أمام المحكمة العليا فلهم حق التدخل الاختياري أو استدعائهم إذا ترتب على قرار النقض مساس بحقوقهم.
*/تفصل جهة الإحالة من حيث الوقائع والقانون في المسائل التي شملها النقض فقط، وتطبيق قرار الإحالة فيما يتعلق بالمسائل القانونية، وإذا لم تمثل هذه الجهة فإنه يجوز للمحكمة العليا البث في الموضوع عند نظرها لطعن بالنقض ثان، أما إذا تعلق الأمر بطعن ثالث فإن الفصل في الموضوع يصبح أمرا وجوبيا ويكون قرارها قابلا للتنفيذ م374 ق.إ.م وإ، وهذا أمر مستحدث بموجب القانون الجديد ق 08/09 كي لا تبقى الخصومة محل أخذ ورد بين المحكمة العليا وجهات الإحالة.